بقلم: سلمان صديقي، مدير الاستثمار في أسواق الأسهم العالمية الناشئة في جوبيتر لإدارة الأصول
في العام الماضي، استثمر فريقنا بنشاط في شركة ملابس رياضية صينية. وقد حقق سهمها أحد أفضل النتائج في محفظتنا الاستثمارية. ولوضع المشهد في منظور مختلف، شهد سوق المستلزمات الرياضية في الصين مساراً تصاعدياً مذهلاً: ففي عام 2001 كان هناك 20 سباق ماراثون في جميع أنحاء البلاد، لكن بحلول عام 2019 (أي قبل تفشي الجائحة) وصل عددها إلى ما يقرب الـ 2000 سباق- ولك أن تتخيل الارتفاع الهائل في الطلب على أحذية الجري الإضافية!
ولكن بمرور الوقت أصبحنا قلقين بشكل متزايد بشأن التقارير الواردة حول الاستخدام المحتمل للعمل القسري في سلسلة توريد القطن في الصين. وبدأنا التحدث إلى الشركة، مطالبين بالمزيد من التفاصيل حول مورديهم، وموردي مورديهم، وصولاً إلى مزرعة القطن. ومع ذلك، وبعد الكثير من المراجعات، لم نتمكن من الحصول على التأكيدات التي كنا بحاجة إليها، لذلك شعرنا أنه ليس لدينا خيار سوى انهاء الاستثمار.
وبعد بضعة أشهر، أتيحت لنا فرصة استثمارية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مع شركة الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول. وكانت هذه فرصتي الأولى لإدارة تفويض متوافق مع الشريعة الاسلامية وكنت متحمساً لها. وعندما ألقيت نظرة خاطفة على الشركات المدرجة في مؤشر مورجان ستانلي كابيتال انترناشيونال (إم اس سي آي) الإسلامي، برزت في الواجهة شركة على وجه الخصوص: شركة الملابس الرياضية نفسها التي قمنا بالتخلي عنها مؤخراً. وهو ما دفعني إلى التفكير – لماذا لا يأخذ الاستثمار المتوافق مع الشريعة في الاعتبار حقوق العمال أيضاً؟
النظر إلى “كيف”، وليس فقط “ماذا”
تركز معظم صناديق الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على استبعاد المحظورات فقط. فالصناديق تلجأ إلى عملية فحص دقيقة لتحديد واستبعاد الشركات التي تنتج منتجات محظورة مثل الكحول والتبغ والأسلحة ولحم الخنزير والقمار، بالإضافة إلى الخدمات المصرفية الربوية. ونادراً ما تتجاوز الصناديق المتوافقة مع الشريعة عملية الفرز الأولية هذه، متجاهلة أيضاً، بالنسبة للشركات التي تظل قابلة للاستثمار، كيفية إنتاجها للسلع أو الخدمات. لذا بطبيعة الحال، نجحت شركة الملابس الرياضية هذه في طرح أسهمها – دون أي مساءلة.
الصناديق المتوافقة مع الشريعة تكافح لاكتساب الزخم – على عكس الاستثمار المستدام
يشكل المسلمون ربع سكان العالم، ولكن أقل من 0.2% من الأصول الخاضعة للإدارة متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وفي الوقت نفسه، تستحوذ الصناديق المستدامة على ما يقرب من ثلث جميع التدفقات الداخلة إلى الصناديق المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة، ما يدل على وجود طلب عالمي متزايد على فرص الاستثمار التي تضع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في الاعتبار. وفي حين يُنظر إلى المستثمرين في آسيا والشرق الأوسط على أنهم متخلفون عن الغرب فيما يتعلق بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، تشير البيانات في الواقع إلى أن الاستدامة وتغير المناخ غالباً ما يمثلان اهتماماً أكبر في آسيا والشرق الأوسط مقارنة بمناطق أخرى من العالم. فهل يمكن لمقاربة أخرى أن تسمح للمسلمين بدمج القيم الإسلامية الأوسع بشكل أكثر فعالية في استثماراتهم؟
تجسيد القيم الحقيقية للإسلام
فكرت فيما أريده من صندوق إسلامي تذكرت دراساتي في القرآن عندما كنت طفلاً، حيث كنت أتعلم مفاهيم الحلال (شرعي / مسموح) والطيب (جيد / أخلاقي)، وكيف لا يمكنك التركيز على أحدهما دون الآخر. ومن الواضح أن الدين الإسلامي يأمر بإيفاء الأجور العادلة وحسن معاملة العاملين. فلماذا تتطلع العديد من الصناديق الإسلامية في الاتجاه الآخر؟
ولا تقتصر المشكلة على الحقوق العمالية فحسب. فهناك العديد من الشركات المدرجة في مؤشرات الأسهم الرئيسية التي يمكن اعتبارها مشكلة قد تم تصنيفها كأعمال متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك العديد من شركات النفط والغاز. فهذه الشركات “الحلال” قد تم تضمينها تلقائياً في مؤشرات الشريعة على الرغم من كونها ضارة بيئيا وتحمل عواقب وخيمة على هذا الكوكب.
نهج فريقنا
شكلت الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة جزءاً أساسياً من عمليتنا الاستثمارية لسنوات عديدة. فنحن نريد أن نفهم حقاً الشركات التي تقف وراءها استثماراتنا – ليس فقط من حيث المنتجات التي يبيعونها أو الخدمات التي يقدمونها، ولكن أيضاً كيف يصنعون ويقدمون منتجاتهم أو خدماتهم، وتأثيرها الأوسع على المجتمع والكوكب. نحن لا نعتمد فقط على فرز وتقييم الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة أو نتائج الجهات الخارجية – بل نتبع نهجاً نشطاً وفعالاً. من يدير الشركة، وما هي قيم فريق إدارتها، وكيف يتعاملون مع موظفيهم؟ هل للشركة تأثير إيجابي أو ضار على المجتمع الأوسع؟ ما هو تأثيرها على البيئة محلياً وعالمياً؟ ما هي بصمتها الكربونية، وهل ستحقق أهداف صافي انبعاثات صفرية؟ هذه ليست سوى بعض الأسئلة التي نطرحها قبل القيام بأي استثمار.