أظهرت دراسة حديثة ارتفاع متوسط السمنة لدى السكان البالغين من الجنسين في المملكة العربية السعودية إلى 39%، بينما ترتفع النسبة في أوساط النساء إلى 42%. وتشير التوقعات إلى احتمال زيادة هذه النسبة محليًا وعالميًا نتيجة تدني معدلات النشاط البدني، العادات الغذائية غير الصحية، وشيخوخة السكان. وقد رسمت الدراسة ثلاثة سيناريوهات للتدخل في معالجة السمنة من حيث بقاء الوضع الراهن، وتدخل بوتيرة معتدلة، وتدخل متسارع، مع ذكر الفائدة الاقتصادية ونمو إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2030، وذلك في سياق دعم أهداف رؤية السعودية 2030 في تعزيز جودة الحياة والصحة العامة.
أوضحت الدراسة، التي أعدتها مؤخرًا شركة “ليلي” للأدوية المتخصصة في محاربة السمنة، أن السمنة يمكن أن تساهم في إنقاص متوسط العمر بما يصل إلى 8 سنوات بسبب ارتباطها بالنوع الثاني من مرض السكري. ونبّهت إلى أن الأمر لا يقتصر على الجانب الصحي للسمنة، إذ يتجاوز ذلك إلى جوانب تعليمية واجتماعية واقتصادية. فالأشخاص المتعايشون مع السمنة يتلقون تعليمًا أقصر بعدة سنوات، وتكون فرص الارتباط والإنجاب لديهم أدنى. أما من حيث العمل، فإنهم يحققون في المتوسط دخلا أقل مع ارتفاع احتمال البطالة لديهم.
وتعليقًا على هذه الدراسة، قال مصطفى عبد الرحمن، الرئيس والمدير العام للمقر الإقليمي لشركة “ليلي” للأدوية في المملكة العربية السعودية: “إن تسريع جهود التصدي للسمنة يمكن أن يسهم في خفض التكاليف الصحية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط العمر المتوقع وتعزيز الجاهزية للعمل وتحسين ترتيب المملكة في مؤشرات التعليم، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030”. وبحسب التقرير، فإن معالجة السمنة قد تُسهم في تحقيق توفير يصل إلى 1.8 مليار دولار أمريكي في تكاليف الرعاية الصحية، سواءً على مستوى الحكومة أو الأفراد، كما قد يؤدي تسريع التدخلات العلاجية إلى رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة نقطة مئوية واحدة حتى عام 2030، ليصل الناتج المحلي الإجمالي الوطني إلى نحو 1.41 تريليون دولار أمريكي.
واستعرضت الدراسة ثلاثة سيناريوهات لمستوى التدخل في معالجة السمنة والفوائد الاقتصادية التي يمكن تحقيقها، وفقًا لمدى ومستوى التدخل: السيناريو الأول هو بقاء الوضع الراهن دون تدخل إضافي، وهو أمر قد يؤدي إلى ارتفاع معدل السمنة الحالي من 39% إلى 41%. أما السيناريو الثاني، الذي يمثل نهجًا تدريجيًا في تطبيق السياسات والبرامج، فيمكن أن يخفض السمنة إلى 37% مع إضافة 82.5 مليار ريال (22 مليار دولار) إلى الناتج المحلي السعودي. بينما يرجح السيناريو الثالث، الذي يعتمد على تسريع وتيرة التدخلات وتكثيف الجهود الوطنية، تراجع معدل السمنة بين السكان إلى 29% مع زيادة مرتقبة تبلغ 183.75 مليار ريال (49 مليار دولار)، أي ما يقارب 1% من الناتج المحلي.
وحول الطرح الجديد الذي تحمله الدراسة من حيث ربط السياسات الصحية بنمو الاقتصاد، يشرح عبد الرحمن: “لطالما اقتصرت دراسات السمنة على معادلة ضيّقة تعتمد على حساب تكلفة التدخل وتكلفة العلاج، إلا أن هذا التقرير يكشف للمرة الأولى عن الحجم الحقيقي للفوائد الناتجة عن خسارة الوزن ومعالجة السمنة، ليس على مستوى تعزيز صحة الأفراد فحسب، بل أيضاً من حيث العوائد الاقتصادية والاجتماعية والآثار الإيجابية على مستقبل القوى العاملة. والرسالة هنا واضحة: إن السياسات الفعّالة لمعالجة السمنة ليست سياسات صحية جيدة فحسب، بل هي أيضاً سياسات اقتصادية واجتماعية رشيدة. ومع التطورات الأخيرة في مجالات البحث والابتكار، باتت أمام الدول فرصة غير مسبوقة لمواجهة العبء الاقتصادي والاجتماعي للسمنة بطموح أكبر وسرعة أعلى من أي وقت مضى”.
وذكرت الدراسة أرقامًا تقريبية حول المنافع الاقتصادية لتعافي الفرد من السمنة المفرطة، أهمها زيادة عدد الأيام المنتجة في العمل بحوالي 3 إلى 7 أيام سنويًا، وكذلك زيادة متوسط الدخل السنوي للسكان بأكثر من 585 ريالًا (165 دولارًا) إلى 1372.5 ريالًا (366 دولارًا) بحلول عام 2030.
