برنامج تنوير جميل يعود للوفاء بالقيم الإنسانية النبيلة

بواسطة khalid al rasheed

بقلم: الدكتورة مي طيبة، عضو مجلس أمناء مؤسسة مجتمع جميل السعودية

يعتبر السفر من أهم أشكال التعلم في الحياة، حيث يتيح توسيع الآفاق واستكشاف مفاهيم جديدة عن ثقافات البلدان والشعوب الأخرى، وهو ما لا يمكن تحصيله من مجرد المطالعة وقراءة الموارد. إن التفاعل المباشر مع الآخرين في السفر، والتعرف على طرق تفكيرهم وعاداتهم وتقاليدهم، وتبادل المعرفة والخبرات معهم، يساعد جميع الأطراف المشاركة على تكوين أفكار جديدة واختيار المناسب منها لتطوير المجتمعات التي يعيشون فيها.

كما يشكل السفر فرصة مثالية لاعتماد الشخص على ذاته في الخارج، حيث تكون اللغة والعادات والأطباع مختلفة، ما يقوده إلى البحث عن الحلول لتخطي هذه التحديات. كما يولّد السفر لدى الإنسان شعوراً أكبر بالمسؤولية وحسن التصرف واتخاذ القرار. إضافة إلى ذلك، فإن تجربة السفر للدراسة على الأخص هي الأهم من حيث التعرف عن قرب على حضارات الشعوب والأمم والاستفادة من التجارب الاجتماعية والثقافية والعلمية الإيجابية ونقلها إلى أرض الوطن.

وعلى هذا النحو، أدركنا في مؤسسة مجتمع جميل السعودية منذ تأسيسها أهمية التعليم ودوره في المجتمع وكيف يمكن للاختلاط بالثقافات الأخرى أو بمعنى آخر السفر من أجل التعلم أن يشكل عقلية الفرد بحيث يصبح مدركاً أكثر لما حوله. فقد يدرس الجميع التاريخ، لكن السفر يجعلك تقف أمام التاريخ نفسه لتستشعره وتتأمله شخصياً وتستخلص منه التجربة وتبني عليها الواقع؛ فزيارة الأماكن الأثرية والمتاحف في العالم تفتح أمام الإنسان نافذة على الماضي يستشرف من خلالها الحاضر ويبني عليها أحلام وطموحات المستقبل.

أطلق مجتمع جميل السعودية برنامج “تنوير جميل” في عام 2005 بهدف توفير فرصة السفر للأيتام إلى خارج المملكة للالتقاء بالثقافات الأخرى والتعلم منها والتعرف عليها. وتؤمن المؤسسة إيماناً راسخاً بأنه كلما أُتيحت الفرصة للإنسان وهو في مرحلة عمرية مبكرة الاطلاع وتعلم أشياء جديدة ستبقى راسخة في ذهنه وستسهم في تشكيل شخصيته وصقل مهاراته، مما سينعكس ذلك على مستقبله ومستقبل المجتمع الذي يعيش فيه.

وقد شارك في برنامج “تنوير جميل” حتى الآن 360 طالباً وطالبة، وشملت الرحلات الدولية السابقة دولاً أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا إلى جانب دول آسيوية كماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وتركيا والعديد من الدول العربية.

يشتمل البرنامج في كل عام على رحلتين تعليميتين منفصلين للذكور والإناث ويتم اختيار الطلاب ممن أظهروا موهبة استثنائية والتزاماً لافتاً وقدموا أداءً متميزاً على مدار العام الدراسي. وتهدف الرحلتان إلى تشجيع الطلاب على الحفاظ على تفوّقهم الأكاديمي وتزويدهم بالمهارات الأساسية للتواصل مع الآخرين وبناء شخصيتهم. وفي هذا العام، تم تخصيص رحلة للذكور في الفترة من 23 يوليو إلى 2 أغسطس والرحلة الثانية للإناث من 21 يوليو إلى 30 يوليو بمشاركة 40 طالباً وطالبة تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً من كافة دور الأيتام بالمملكة.

تضمّن البرنامج لعام 2022م زيارات ثقافية وعلمية وتعليمية وترفيهية للعاصمة الماليزية كوالالمبور، ومجموعة أنشطة فريدة من نوعها صممت لتنمية القدرات الرياضية والعقلية والفكرية لكافة المشاركين مثل زيارة مدينة الألعاب المائية “سنوي لاغون ثيم بارك”، وزيارة مدينة “بينانغ” وعمل جولة سياحية فيها شملت مصنع ومتحف الحرف اليدوية ومدينة الألعاب “سكيب بارك”، ومدينة “لوست وورلد أوف تامبون” والتي توجهوا فيها إلى حديقة الحيوانات ومدينة الألعاب الذكية، كما شملت الرحلة أيضا السفر إلى جزيرة “بينج” والاستمتاع بمناظرها الطبيعية.

ويستعرض برنامج “تنوير” أهمية التعاون بين القطاعين الخاص والعام بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030م لخدمة ومساعدة الأيتام على شق طريقهم في الحياة، وتنمية مهارات شباب وشابات الوطن عبر شتى المجالات بما فيها البرامج التدريبية التي تدمج بين التعليم والترفيه للتأثير الإيجابي في حياتهم.

مخرجات البرنامج 

يحرص القائمون على البرنامج توجيه وإرشاد الشباب والشابات الأيتام ودعمهم في مسيرتهم نحو مستقبل واعد للمساهمة في ازدهار المجتمع، إدراكاً من مؤسسة مجتمع جميل السعودية لأهمية مثل هذه البرامج والمبادرات وأثرها الإيجابي في تطوير قدرات أبنائنا وبناتنا الأيتام وتعديل سلوكهم ورفع الدافع لديهم في التميز الدراسي واكتساب خبرات جديدة من خلال الاطلاع على تجارب البلدان التي زارها الطلاب في هذه الرحلات.

وفي الختام أود الإشارة إلى أننا نسعى على الدوام لإطلاق المزيد من المبادرات الخلّاقة والبرامج الطموحة وتحويل العديد منها إلى مؤسسات راسخة وكيانات مستقلة تساهم في العمل الإنساني والتنموي، للوفاء بقيمنا الأصيلة والمساهمة ببناء مستقبل أفضل لجميع أفراد المجتمع في مختلف المجالات.

 

اخبار ذات صلة