آن كايرنز،نائب الرئيس التنفيذي في ماستركارد ورئيس شركة “30% Club”

MasterCard - Ann Cairns, Executive Vice Chairman. Photograph by Sam Frost

التنوع هو طريق تحقيق النجاح

آن كايرنز،نائب الرئيس التنفيذي في ماستركارد ورئيس شركة “30% Club”

تسعى منطقة الشرق الأوسط، على غرار غيرها من مناطق العالم، للتعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19 على مختلف الصعد؛ هذه التداعيات التي أثرت بشكل أكبر على المرأة، حيث أكد تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الجائحة شكلت نقطة تحول في جهود المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقدمت في الوقت ذاته فرصة لإعادة التفكير بالدور الاقتصادي والاجتماعي للمرأة في المنطقة.

وفي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود للتعافي من آثار الجائحة، تبرز لدينا، في مختلف المجالات والقطاعات، فرصة فريدة لإعادة ضبط البوصلة، وذلك عن طريق الإجابة على سؤال أساسي:

هل نجحنا حقاً في خلق التوازن المطلوب في سوق العمل بما يتلائم مع متطلبات عالمنا المعاصر؟ وما هي الخطوات التي يتعين علينا اتخاذها لتحقيق هذا التوازن؟

أهمية سياسات الشمول في أماكن العمل

وضعت العديد من شركات القطاع الخاص سياسات خاصة بالتنوع والشمول في مكان العمل، وهو أمر جيد دون أدنى شك؛ ولكن علينا ألا نغفل عن أهمية إدراك اللحظة الفارقة التي نمر بها. نحتاج في الوقت الحالي لأن تسعى الشركات، في مختلف القطاعات، لخلق مسارات للنمو الوظيفي للمرأة بما يعزز مساهمتها في جميع الدرجات الوظيفية في الشركات والمؤسسات.

قبل عدة أشهر، سنحت لي فرصة الحديث مع الرئيسة التنفيذية لإحدى المؤسسات المصرفية الكبرى في منطقة الخليج العربي. وخلال حديثنا، أخبرتني عن مسيرتها المهنية في البنك منذ انضمامها إليه كمتدربة مروراً بصعودها سلم الدرجات الوظيفية وحتى وصلت لمنصب الرئيس التنفيذي في البنك، حيث اجتمع عملها الجاد ومثابرتها الدائمة وعزمها على التطور مع إيمان البنك بأهمية المساواة وضرورة توفير الفرص المتكافئة للجميع، لتكون النتيجة هي وصولها لأعلى المراتب الوظيفية. 

من الملهم دائماً الاستماع لقصص النجاح المماثلة للنساء في أي مكان في العالم، ولكن من المبهر حقاً أن نشهد مثل هذه القصص في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. ولهذا يتعين على الشركات والمؤسسات في هذه المنطقة أن تتبع توجهاً مماثلاً في استقطاب المواهب النسائية المتعلمة، ومنحها فرصاً للنجاح والتطور، بما يمهد لها الطريق للوصول لأعلى الدرجات. 

النجاح باستقلالية

على التوازي مع نجاحات المرأة في الشركات، توجد ملايين النساء حول العالم ممن رسمن مسيرتهن المهنية كرائدات للأعمال. فوفقاً لمؤشر ماستركارد لرائدات الأعمال 2020 تواصل النساء في العديد من مناطق العالم النامي، ومن ضمنها دول منطقة الشرق الأوسط، بناء مسيرة مهنية ناجحة في مجال ريادة الأعمال.

كما ألقى المؤشر الضوء على توصية الأمم المتحدة بأهمية تقليل الفجوة بين الجنسين في مجال ملكية الأعمال بما يسمح للمرأة من لعب دور فاعل في مساعدة الاقتصاد على التعافي من آثار جائحة كوفيد-19 وعلى تحقيق نمو أكثر عدلاً واستدامة. وفي هذا المنطقة على وجه الخصوص، هناك إمكانات هائلة لردم هذه الفجوة، حيث تشير البيانات إلى أن نسبة المرأة في المواقع القيادية في قطاع الأعمال هي من 6 إلى 15 امرأة لكل 100 موقع قيادي. 

الاستفادة من مزايا التحول الرقمي

ما الذي يتعين علينا فعله في ضوء ما تقدم؟

في الواقع، من الأهمية بمكان أن تحصل المرأة على خيارات وإمكانيات وصول أكبر للأدوات الرقمية المتطورة بما يمنحها فرصاً أفضل للنجاح. وكجزء من التزامها بربط 1 مليار إنسان بالاقتصاد الرقمي بحلول عام 2025، التزمت ماستركارد بدعم 25 مليون رائدة أعمال في تنمية أعمالهن وذلك من خلال العديد من المبادرات التي تشمل التمويل والإشراف وتطوير التقنيات الشمولية. وأنا على ثقة بأن هذه المبادرات هي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى للتعامل مع قضية التوازن بين الجنسين.

تتميز هذه المنطقة من العالم بتنوعها الإثني والثقافي والديني والاقتصادي. فالحلول التي يمكن تطبيقها في منطقة الخليج العربي هي ليست بالضرورة الحلول المناسبة لمنطقة بلاد الشام، والعكس صحيح. ونحن ندرك أن المرأة في منطقة الشرق الأوسط تواجه أحياناً تحديات ثقافية من نوع خاص، ولكن تظل الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ستكون الأساس لسوق العمل في المستقبل. 

الابتكار يمهد الطريق للمستقبل

أول خطوات إعداد الفتيات للمستقبل هي تشجيعهن على الانخراط في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، حيث ستوفر هذه المجالات للفتيات إمكانيات غير محدودة للتطور. ولهذا السبب بالذات، فإن مشروعات مثل البرنامج التعليمي المتميز “Girls4Tech” تُعد غاية في الأهمية، كونها تساهم بإلهام الفتيات، وتساعد في إعدادهن لمسيرة مهنية ناجحة في قطاعات العلوم والتكنولوجيا.

ويغطي البرنامج موضوعات مثل تشفير البيانات، وكشف الاحتيال الإلكتروني، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي. ويركز على تعليم الفتيات مهارات أساسية مثل التعاون والإبداع والتواصل، بما يمكنهن من تطوير معارفهن في المجال التقني بما يساهم في التعامل مع تحديات عالمنا المعاصر. 

وقد نجح البرنامج حتى الآن في الوصول إلى نحو مليون فتاة في 32 دولة حول العالم، حيث انضمت المغرب مؤخراً إلى ركاب الدول المستفيدة من البرنامج. وجميع هؤلاء الفتيات يتطلعن للمستقبل بطموحات لا حدود لها. وما نحتاجه اليوم، في هذه المنطقة من العالم، هو أن تبادر الشركات لدعم وتمكين المرأة بذات الطريقة التي بادر بها البنك لتمكين الرئيسة التنفيذية التي قابلتها العام الماضي، وذلك من خلال توفير الفرص للنجاح والنمو والتطور. 

التوازن بين الجنسين هو دائماً الخيار الأمثل

أشار البنك الدولي إلى أن الاقتصادات حول العالم تخسر نحو 172 تريليون دولار نتيجة للاختلاف في الأجور بين الرجال والنساء، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن التوقعات التي وضعها البنك والتي قدرت الخسارة بنحو 160 تريليون دولار. 

ولتلافي هذه الخسارة، يتعين علينا التواصل بشكل فعال مع قادة قطاع الأعمال في أعلى المستويات، ليس لإعطاء المحاضرات، ولكن للاستفادة من البيانات التي توضح بما لا يدع مجالاً للشكل بأن التنوع هو الخيار الأمثل لتحقيق عائدات مالية أفضل، وهو ما أشارت إليه الدراسة الصادرة بهذا الخصوص عن شركة “ماكينزي” العالمية.

وفي الوقت الذي يتعين علينا فيه التعامل مع التأثيرات السلبية للجائحة على النساء حول العالم، توجد لدينا فرصة حقيقية لدعم الشمول والتنوع، لتصبح مجالس الإدارات المكونة من الرجال فقط جزءاً من التاريخ لا أكثر.

الآن هو الوقت الأفضل ليدرك الجميع في منطقة الشرق الأوسط أن التنوع هو الأساس، لأن التنوع هو الطريق للنجاح.